بسم الله الرحمن الرحيم
لغتنا العربية
اللغة العربية هي لغة القران الكريم وبهذه الخاصية اكتسبت المكانة العالية المتميزة بين اللغات الاخري .
قال تعالي ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) يوسف 3
وقال تعالي ( قرآنا عربيا غير ذي عوج ) الزمر 28
وقال تعالي ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) الزخرف 3 .
كانت اللغة العربية قد وصلت إلي الذروة في تطورها ، ولبست أجمل حللها كلغة قبل البعثة النبوية .ولذلك يقول ابن جني في الخصائص ( نزل القران بلغة العرب التي كانوا ينظمون فيها شعرهم ويلقون فيها خطبهم ويتخاطبون بها فيما بينهم ومصداق ذلك قوله تعالي - وما أرسلنا رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم- إبراهيم ، وجاءت صفة مبين نعتا للسان العربي والقران وللكتاب والرسول اثني عشرة مرة في القران الكريم ).
ومما لاشك فيه أن اختيار اللغة العربية من بين اللغات التي عاصرتها خير دليل علي شرفها وفضلها علي باقي اللغات .
وقد أراد الله تعالي اللغة العربية للدين الإسلامي لما فيها من طاقة فذة في التعبير والبيان لما فيها من روعة الأداء والمرونة والاتساع وهي اقدر اللغات وأقواها علي الاشتقاق والنحت والتصريف وأغناها في المفردات والصيغ والأوزان ومع ذلك فهي مرنة غاية المرونة تتسع لتعريب الأسماء التي تجد في حياة الإنسان .
ولقد وصف الرسول صلي الله عليه وسلم العلاقة بين اللغة والإسلام بقوله ( إنما العربية اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي ) .
وليس ثمة انفصال بين الإسلام واللغة العربية ، فالعلاقة بينهما لا انفصام فيها ولذلك يقول ابن تيمية ( ان اللسان العربي شعار الاسلام وأهله ) ويقول أيضا في وصف العلاقة ( ان اللغة العربية من الدين ) .
وهو يري ان ( فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بالعربية ).
واللغة العربية لم تظهر في مكان إلا وألغت اللغة الأصلية أو أثرت فيها . فاللغات الفارسية والأوردية والتركية تأثرت وبشدة باللغة العربية ، وقد استعمل الفرس الحروف العربية وكذلك اللغة الاوردية .
ونسخ الأوروبيون العلوم العربية باللغة العربية فقد كانت لغة العلم آنذاك في الأندلس .
وفي الفترة التي كان فيها المسلمون روادا للعالم علميا ترجموا الفلسفات اليونانية القديم وعلومهم في شتي المجالات ، ومع هذه الترجمات استطاعت العربية أن تضع لنفسها المصطلحات والمفردات التي تعبر بها عن جديد العلوم والفكر والفلسفة ، هذه المفردات غير ذات صلة باللغة التي ترجموا عنها فقيل مثلا امتناع الحد الوسط ، المقدمات ..كما قدمت اللغة العربية مصطلحات جديدة في العلوم مثل كلمة الجبر والمقابلة عند الخوارزمي ، استحداث كلمة الخيمياء والتي تطورت إلي لفظ الكيمياء ، وكذلك كلمة الاسطرلاب .
كما ظهرت معها الاصطلاحات الدينية والشرعية والفنية كالايلاء – الظهار – العدة ..
وكانت هناك مصطلحات لغوية اقتضتها علوم اللغة مثل علم النحو والعروض ، وأسماء بحور الشعر ...... .
أي ان اللغة العربية لغة علم وأدب قادرة علي استحداث وابتكار المصطلحات الجديدة في كل علم .
واللغة العربية لغة اشتقاقية تقوم علي ابواب الفعل الثلاثي والتي لا وجود له في لغة اخري .
كما تحتوي اللغة العربية علي حروف لاصوات غير موجودة في حروف اللغات الاخري رغم ان عدد الحروف فيها 28 حرفا وهو اقل بكثير من اللغات الاخري ، فعدد الحروف الانجليزية 36 حرفا ، ومن أمثلة ذلك حروف الحاء والخاء والضاد والصاد والظاء والعين والغين والقاف .
وتستخدم اللغة العربية الحركات مثل الضمة والشدة والكسرة وغيرها .وتكتب العربية كما تقرأ .
وتتميز العربية ان جميع مشتقاتها تقبل التصريف الا شواذ القاعدة ، ولذلك هي أطوع اللغات في التعامل فهي ليست تركيبية مثل اللغة الانجليزية التي عجزت عن وضع مصطلحات علمية فلجأت للغة اليونانية القديمة .والمترادفات في اللغة العربية كثيرة وعندما نقلت علوم من اللغات الاخري زادت التعبير جمالا وطلاوة .كما اجمع الباحثون علي ان سعة اللغة العربية ترجع في مصادرها الي ستة مصادر هي :
الارتجال : وهو وضعه ألفاظ جديدة للدلالة علي المعاني الطارئة .
الاشتقاق : وهو اخذ كلمة من اخري تناسب المعني بينهما وتقارب اللفظ .
الإبدال : يسمي الاشتقاق الأكبر وهو وجود تناسب بين اللفظين في المعني والمخرج .
القلب : وهو الاشتقاق الكبير وهو تناسب بين اللفظين في المعني واللفظ دون ترتيب .
النحت : وهو وضع رموز تدل علي جملة كاملة أو مسمي .
التعريب : تحويل كلمة أجنبية إلي العربية وإجراء قواعد اللغة عليها بعد أن تداولتها الألسن .
وقد ورد في القران الكريم كلمت غير عربية علي سبيل المثال سعير – سندس ...
ونستطيع ان نري مثالا مادة ( جمع ) في الاشتقاق :
جمعنا ، اجمع ، نجمع ، يجمع ، تجمع ، جماعة ، جميعا ، مجامع ، مجموع ، جوامع ، جامعون ، مجموع .مجمع ، مجتمع ، جميعا ..
غير أن العربية حوربت وحيكت حولها الدسائس والمؤامرات لقتلها وإضعافها في نفوس أبنائها وخاصة في فترة استعمار العالم العربي ، والسبب واضح لكل متبصر فان العربية هي لغة القران وقتلها وإضعافها يبعد المسلمين عن فهم دينهم ، وبذلك ينأي الناس عن الإسلام .
ومن المعلوم ان القران الكريم هو البناء الذي يجمع العرب والمسلمين في حصن واحد ، وان القران هو الذي حفظ اللغة العربية من الاندثار او التغير ، وهدم الحصن هدم يعني الدخول والعبث بثوابت الأمة وتخريبها .
ففي مصر حاول الانجليز تدمير اللغة وإحلال العامية مكانها فقال اللورد كرومر ( متى تواري القران يمكننا ان نري العربي يتدرج في سبيل الحضارة ، وان القران لا يتواري حتى تتواري اللغة ) .
وقد كتب البعض من أدباء مصر وكتابها باللغة العامية كتبهم وقصصهم ، وكذلك امتلأت الفضائيات بالمسلسلات والأفلام بالعامية ، حتى أصبح المشاهد لا يتذوقها إلا باللغة العامية ، وفي لبنان كانت هناك محاولة للكتابة بالعامية من الشاعر سعيد عقل ، وقد اقترح أن تحل اللغة الزحلاوية مكان اللغة العربية في لبنان .
وكان هناك محاولات من الشاعر ادونيس في تكسير اللغة وإخراجها عن معانيها المألوفة المعروفة ، وكان يأخذ علي الشعر العربي انه صعب الفهم ، فأتي بشعر أكثر صعوبة مغرق في السوريالية .
أحبوا اللغة العربية لأنها لغة القران ، لأنها اللغة التي خاطبنا بها الله سبحانه وتعالي ، أحبوا اللغة العربية لان فيها أصالتنا ، وهي جذورنا الممتدة في عمق التاريخ عمق أصالتها .
إن التمسك باللغة هو تمسك بالأصالة والجذور ، ومن تخلي عن لغته كأنما تخلي عن كيانه في بحر متلاطم من الفتن ، وهو بالتأكيد يهوي إلي واد سحيق .
العربية لغة أهل الجنة ، وأهل الجنة هم في رضوان الله
د . محمد خطاب